responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 344
[10- ابن الزيات يتمنى موت الجاحظ]
فإذا أنت لم ترفع ذكري في الأغنياء إلّا لتعرض ذنبي للفقراء، ولم تكثّر مالي إلّا لتقوّي العلّة في قتلي، فيا لها مكيدة ما أبعد غورها، ويا لها حفرة ما أبعد قعرها. لقد جمع هذا التدبير لطافة الشّخص ودقّة المسلك، وبعد الغاية.
والله لو دبّرها الإسنكدر على دارا بن دارا، أو استخرجها المهلّب على سفيان بن الأبرد، وفتحت على هرثمة في مكيدة خازم بن خزيمة، ولو دبّرها لقيم بن لقمان على لقمان بن عاد، ولو أراغها قيس بن زهير على حصن بن حذيفة، ولو توجّهت لكهّان بني أسد على دهاة قريش- لقد كان ذلك من تدبيرهم نادرا [بديعا] ، ولكان في مكايدهم شاذّا غريبا. وإنّها لترتفع عن قصير في كيد الزّباء، وعن جذيمة في مشاورة قصير. وما إخالها إلّا ستدقّ على ابن العاص، وتغمض على ابن هند، ويكلّ عنها أخو ثقيف، ويستسلم لها ابن سميّة.
هذا والله التّدبير لا مخاريق العرّاف، وتزاويق الكاهن، وتهاويل الحاوي، ولا ما ينتحلها صاحب الرّئيّ؛ بل تضلّ فيها رقى الهند، وتقرّبها سحرة بابل.
فلو كنت إذ أردت ما أردت، وحاولت ما حاولت، رفعت قبل كلّ شيء المؤانسة، ثم أبيت المؤاكلة، ثم قطعت البرّ، ثم أذنت مع العامّة، ثم أعملت الحرمان، ثم صرّحت بالجفوة، ثم أمرت بالحجاب، ثم صرمت الحبل، ثم عاديت واقتصدت، ثم من بعد ذلك كلّه أسرفت واعتديت، لكنت واحدا ممّن يصبر أو يجزع، فلعلّي كنت أعيش بالرّفق، وأتبلّغ بحشاشة النفس، وأعلّل نفسي بالطمع الكاذب. ولكن فجاءات الحوادث وبغتات البلاء

اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست